قال تعالى
"وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ "
[فصلت:35]
يروى عن أنس -رضي الله عنه وأرضاه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
{ تُنصَبُ الموازين يوم القيامة، فيُؤتى بأهل الصلاة والصيام والزكاة والحج، فيُوَفَّوْن أجورهم بالموازين، ثم يُؤتى بأهل البلاء، فلا يُنصب لهم ميزان، ولا يُنشر لهم ديوان، ويُصبُّ عليهم الأجر صباً بغير حساب، ثم قرأ قول الله جل وعلا: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
[الزمر:10]}
وفي الترمذي مرفوعاً
{يودُّ أناسٌ لو أن جلودهم كانت تُقرض بالمقاريض لِما يَروْن من ثواب أهل البلاء }
فسبحان من يرحم ببلائه
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها *** فهل سمعت بظل غير منتقل
حياتها رصدٌ وشربها كدرٌ *** وعيشها نكد وملكها دُوَلُ
من ذا الذي قد نال راحة فكره *** في عسره من عمره أو يُسره؟
يلقى الغني لحفظه ما قد حوى *** أضعاف ما يلقى الفقير لفقره
فيظل هذا ساخطاً في قُلِّه *** ويظل هذا ناصباً في كُثرهِ
سُنَّ البلى ولكل شمل فرقة *** يُرمى بها في يومه أو شهره
والجن مثل الإنس يجري فيهم *** حكم القضاء بحلوِه وبمرِّه
أوَما ترى الرجل العزيز بجنده *** رهن الهموم على جلالة قدره
فيسرُّه خير وفي أعقابه *** همٌّ تضيق به جوانب صدره
وأخو التجارة لاهث متفكر *** مما يلاقي في خسارة سعره
وأبو العيال أبو الهموم وحسرة الـ *** رجل الوحيد كمينة في صدره
ولرُبَّ طالب راحة في نومه *** جاءته أحلام فهام بأمره
والطفل من بطن أمه يخرج إلى *** غُصَص الفطام تروعه في صُغره
ولقد خبرت الطير في أوكارها *** فوجدت منها ما يُصاد بوكره
والوحش يأتيه الردى في برِّه *** والحوت يأتي حتفه في بحره
ولربما تأتي السباع لميت *** فاستخرجته من قرارة قبره
تالله لو عاش الفتى في دهره *** ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلذذاً معه بكل لذيذةٍ *** متنعماً بالعيش مدة عمره
لا يعتريه النقص في أحواله *** كلا ولا تجري الهموم بفكره
ما كان ذلك كله في أن يفي *** بمبيت أول ليلة في قبره
كيف الفعال أيا أخي فيما ترى *** صبراً على حُلوِ القضاء ومرِّه
صبراً فغمسة في الجنة تُنسي كل شقاء وبؤس وبلاء، وغمسة في النار -عياذًا بالله- تنسي كل لذة ونعيم
لكل شيء إذا ما تمَّ نقصان *** فلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول *** من سرَّه زمن ساءته أزمان